أنا مصري، ولهذا سأكون أنانيًّا بعض الشيء هنا وأسلط الضوء على أفضل الأكلات المصرية الأصيلة التي تتميز بها بلادي دونًا عن سواها من البلدان العربية. فأنتم تعلمون؛ إن الطعام جزء لا يتجزأ من الثقافة الممتدة لأي شعب، ومصر ليست أهرامات فقط، بل أكلات لذيذة وأجواء لا مثيل لها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حصرًا.
والآن، لما لا نتعرف سويًّا على أكلات تتميز بها مصر تحديدًا؟
الفول والطعمية
أو كما يُحب أهل محافظة الإسكندرية (وأنا منهم بالمناسبة) قول: فلافل.
إن الفول هو الأكلة الشعبية الأولى للشعب المصري، وبالتحديد الفول المدمس؛ والذي يتم صنعه عن طريق غلي الفول جيدًا حتى يصير طريًا للغاية، ثم يتم دهسه بقوة ليصير أشبه بالمعجون، لتُضاف عليه التوابل بصحبة الزيت، والطحينة حسب الرغبة بالطبع؛ ليُقدم في نهاية المطاف بجانب ليمونة مقسومة نصفين، بالإضافة إلى رغيفين من الخبر “البلدي” الأثير، مع بصلة مشقوقة حسب الرغبة.

أما الطعمية (الفلافل) فهي العنصر التكميلي للوجبة، وهي عبارة عن فول أيضًا، لكن هذه المرة مجروش ومطحونة معه الكثير من النباتات العشبية على رأسها الشبت؛ ليُقلى المزيج في النهاية بالزيت، وتُقدم الطعمية ساخنة بجانب الفول المدمس سابق الذكر.
الكشري
إذا هبطت إلى أراضي القاهرة بمصر، أول مكان يجب أن تقصده هو “كشري أبو طارق”؛ فهو أكبر مطعم كشري على الإطلاق في الجمهورية قاطبة، ويقدم ألذ كشري ستأكله في حياتك.
والكشري عبارة عن طبق به مزيج من الأرز، العدس، الصلصة، الحمص الكبير، البهارات الحارة، البصل المقلي، الثوم، الخل، المعكرونة، وبالطبع اللحوم حسب الرغبة (وبالتحديد الكبدة الإسكندراني). يتميز هذا الطبق بالقدرة على سحرك لتُنهيه في دقائق معدودًا، طالبًا طبقًا آخر ومُناديًا على النادل قائلًا:
كِمالة لو سمحت!
أما إذا كانت الإسكندرية هي أولى محطاتك في مصر، فإن مطعم “كشري ع السخن” في منطقة محطة الرمل هو بالتأكيد مُرادك؛ إن الإسكندرية ساحرة في موسم الشتاء، وهل يوجد ما هو أفضل من طبق كشري مصري ساخن لاستشعار الدفء بينما الأمواج تعصف بك على الكورنيش من كل جانب؟
أجل، أنا أهيم بمحافظتي عشقًا بحق.
الملوخية
إنها نبات بأوراق طويلة يُباع في قارعة الطريق بسعر زهيد جدًا، لكن قدرة المصريين على خلق طبق برائحة زكية تخطف الأنوف وتسحرها من على بُعد أميال؛ هو ما أسميه الاحترافية بعينها!

تُخلط أوراق نبات الملوخية مع الثوم والبهارات مع إضافة صلصة بكمية قليلة جدًا، لتغلي على النار حتى تصير هلامية بعض الشيء. وسر الملوخية المصرية يكمن في ثلاثة أشياء:
- يجب تقطيع أوراق الملوخية يدويًّا؛ الخلاط يقوم بتقطيع الأوراق أكثر من اللازم مما يجعل الطبق في النهاية مقززًا.
- تجب إضافة شوربة الدجاج أو اللحوم إلى مزيج الملوخية، فهذا يُكسبها التناغم مع الأطباق المقدمة إلى جانبها.
- أن يكون القوام النهائي للملوخية المطبوخة لزجًا وسميكًا، لا مائعًا وهزيلًا. بالمصرية، الملوخية الهزيلة يُطلق عليها (سايطة)، ولا تسمح بأكلها بالرغيف البلدي باستخدام “أذن القطة” إلا بصعوبة بالغة.
تذكروا دائمًا، الملوخية الجيدة تؤكل بالرغيف البلدي، لا الملعقة. فإذا تحسست يدك الملعقة رغمًا عنك، اعلم أن الطاهي لم يقم بواجبه كما ينبغي!