نحن بالتأكيد لا نختار الأمراض التي نُصاب بها، بعضها ياتي رغمًا عنا، وبعضها يأتي بشكلٍ فجائيّ؛ وفي الحالتين لا يمكن لنا فعل شيء إلا القضاء عليها. وإذا فشلنا، لن نرى في مقدورنا شيئًا إلا التعايش معها. هناك الكثير من الأمراض على مستوى العالم والتاريخ الإنساني كله حاولت البشرية التعايش معها، ونجحت بالفعل. وفي بعض الأحيان يعتبر الاكتئاب من تلك الأمراض، وبسبب أن بعض مسببات الاكتئاب لا تظهر على السطح بسهولة، فيحتاج المريض للتعايش مع حالته بشكلٍ ما.
والسؤال هنا، ماذا تفعل إذا اكتشفت أنك مرتبط بمريض اكتئاب؟
هذا طبيعي، لأن مريض الاكتئاب لا يكون عبوسًا على الدوام مثلًا، إنه طبيعي تمامًا، لكنه فقط “مظلم” في بعض الأحيان. هذا دليل مختصر للتعامل مع مرضى الاكتئاب في العلاقات العاطفية.
الدعم يجب أن يكون غير مشروط!
مهما كانت درجة العلاقة التي تربطك بالمكتئب، لا يجب أبدًا أن تقدم أي شيء سوى الدعم له. والدعم لا يجب أن يأتي في صورة شرط، أي أنه لا يمكن لك أن تُجبر شريكك على القيام بأمرٍ ما في مقابل أن تدعمه نفسيًّا (مثل أن يحتضنك لكي تحتضنه).
الدعم يجب أن يكون غير مشروط، طواعية، وعن رضا تام. أن المكتئب يعرف فعلًا إذا كان الذي أمامه يهتم به بصدق، أو يهتم به على سبيل الشفقة.
لا تذكر المعالج النفسي كثيرًا
مريض الاكتئاب يعرف في الغالب أنه مريض، وأن الجلوس مع معالج نفسي ربما يحل المشكلة فعلًا، لكن الذي يجعل الإنسان غير محبذ لفكرة المعالج هو أن ذلك المعالج يعتبر بمثابة شخص من الممكن له أن يحكم على المريض بصورة غير مباشرة؛ وهذا يجعل من الذهاب للمعالج بمثابة كابوس حقيقي.
ولذلك، لا تفعل شيئًا سوى انتظار اللحظة التي فيها يكون شريكك على أتم استعداد لمحاولة تخطي مشاكله الخاصة من تلقاء نفسه، فقط احرص على إظهار الدعم غير المشروط كما ذكرنا.
كن مع شريكك بصفة شبه-مستمرة
مريض الاكتئاب تزداد عنده الأعراض عندما يكون وحده، وبالتحديد في غرفته بينما لا يراه أحد؛ إنه ذلك الوقت الذي فيه يمكن لك التعبير عن نفسك بأريحية دون وجود عيون قادرة على اختراق روحك بمجرد النظر. وللأسف، أوقات الوحدة لا تنتج عنها أفكار إيجابية على الإطلاق في الواقع، غالبًا ما تكون أفكارًا سوداوية؛ وفي بعض الأحيان انتحارية للأسف.
يجب أن تكون مع شريكك بصفة شبه-مستمرة؛ أي أن تجلس معه من حين لآخر في الخارج أو في المنزل، أن تبقى على اتصال معه من خلال الشات والرسائل المتقطعة التي لا يكون فيها التواصل الصوتي أو البصري مطلوبًا، إلى آخره.
فقط احرص على أن يكون الاطمئنان على الشريك غير مرضيّ، أي ابتعد تمامًا عن الاهتمام الزائد؛ فهذا يخنق الشريك حتى وإن لم يكن مكتئبًا من الأساس (صدقني، أنا كنت هناك).