إن سكينر بوكس هو صندوق محبوسة فيه حمامة، كل ما عليها فعله للحصول على الطعام هو النقر على زر أحمر كبير بجانبها، وسيهبط الطعام مباشرة في مكان محدد. لكن للأسف، يأتي عليها يوم وتنقر ولا يهبط أي طعام على الإطلاق، فتستمر في النقر والنقر والنقر حتى تجد أن الطعام هبط أخيرًا.
مبارك… الحمامة صارت مدمنة على الطعام الذي مصدره الزر الأحمر الكبير!
هذه آلية سهلة وبسيطة ومباشرة تعتمد على خلق ارتباط شرطي بين شيء معين، وشيء آخر. أي بمعنى أصح، بين سلوك معين، ومكافأة معينة. الذي قام بالتجربة هو عالم النفس المعروف “سكينر”، وقام بها على الحمام والفئران، وأثبت أن أي كائن حي يمكنه أن يتبع هذا النمط الإدماني البسيط والفعّال إذا تم توفير الأرض الخصبة والمناسبة لخلق الإدمان المطلوب.
والآن، كيف تعلم أنك محبوس في صندوق سكينر؟! كيف تعلم أنك الحمامة المسكينة التي لا تستطيع أكل شيء إلا عبر النقر على الرز الأمر الأحمر الكبير؟
هل تلعب أكثر مما تخرج؟
ألعاب الفيديو هي التي أخذت تجربة سكينر إلى مستوى آخر تمامًا في الواقع، حيث أدخلت نقاط الخبرة وصناديق الأسلحة والأزياء المجانية بعد الانتقال من مستوى إلى آخر، مما يجعل من الطبيعي أن تقضي ساعات فوق ساعات بنفس اللعبة، تحاول أن تحصل على الجوائز المتصاعدة في القيمة مع كل مستوى يمر.
إذا وجدت نفسك تقضي في ألعاب الفيديو وقتًا أكثر مما تقضيه مع رفاقك بخارج المنزل؛ اعلم أنك محبوس في الصندوق.
العمل هو أكبر صندوق سكينر في التاريخ
العمل بشكلٍ عام هو أكبر صندوق فعلًا، أنت تذهب للعمل كل يوم بهدف الحصول على المكافأة مع نهاية كل شهر: الراتب. لكن الذي لا يجعل الصندوق فعالًا هو أن المكافأة النهاية ثابتة القيمة لفترة زمنية طويلة في أغلب الأعمال، مما يجُبرك على الانتقال من صندوق إلى صندوق؛ ليتضح في النهاية أن الانتقال في حد ذاته يعتبر دخولك في صندوق أكبر، ألا وهو صندوق البحث عن الراتب الأكبر!
ولهذا الحل الوحيد للخروج من صندوق العمل هو تجميع مبلغ معين من المال، وإدخاله في مشروع قادر على جلب الربح من تلقاء نفسه.
علاقتك مع أهلك لا يجب أن تكون صندوقًا…
للأسف، في كثير من الأحيان نتعامل مع أفراد العائلة بمعايير صندوق سكينر.
قل لي، كم مرة حاولت أن تدخل مع أهلك في نقاش يغذي فيهم روح الفخر والعزة فقط لتحصل على مال أو إنجاز أمر معين في النهاية من قِبلهم؟
البعض يقول إن هذا نفاق، وفي الواقع، كل الأفعال الإنسانية السلبية جزء لا يتجزأ من صندوق سكينر. احرص على ألّا تكون علاقتك مع أهلك مبنية على مكافآت الصندوق، العائلة هي الباقية في نهاية المطاف. ربما لا تدرك هذه الحقيقة الآن، لكن ستدركها في وقتٍ ما.